لماذا اوقفت الانتخابات بقلم: محمد التلولي

لماذا أُوقفت الانتخابات

بقلم محمد التلولي

منذ أن أصبحت النية في إجراء انتخابات جديدة للمجلس التشريعي جدية, وحالة من الجدل قائمة في صفوف الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه السياسية، فتارة يتم طلب عقدها بأسرع وقت ممكن وتارة يتم طلب تحديد مواعيد محددة ونهائية لعقدها ، وتارة تُطلق الاتهامات بالرغبة في التأجيل إلى أن ثبت الموعد الرسمي والجازم بتحديد يوم الخامس والعشرين من شهر يناير لعام 2006 لإجرائها لتبدأ الاستعدادات لدى الجميع لخوض هذه التجربة الديمقراطية الجديدة والفريدة من نوعها حيث لأول مرة سيخوض غمارها قوى فلسطينية مؤثرة وفاعلة مثل حماس والجبهة والشعبية لتنافس فتح.

وثار جدل عنيف داخل كل القوى الفلسطينية وخارجها حول كيفية دخول هذه الانتخابات وما هي البرامج السياسية التي ستطرح للشارع الفلسطيني؟ وكان الجدل أقل في حركة حماس أو بالأحرى لا يشاركهم هذا الجدل الإنسان العادي في الشارع الفلسطيني، أما أشده فقد دار في حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية.

ففي فتح يدور الحديث عن حالة عامة يشارك فيها الجميع ولا فواصل بين أحد فالكل يتساوى في هذا المضمار والجمهور الغير فتحاوي يطرح رأيه في وضعية فتح ويتفاعل مع كل قضاياها حتى أن البعض من الأخوة يطلق عليها تسمية "السوق" أو "المشاع" وفي ظل هذا التنافس الشديد مطلوب من فتح أن تعد صفوفها وتنظم نفسها لخوض هذه التجربة الصعبة والمريرة خاصة بعد غياب الرئيس أبو عمار الذي أمسك بمفاتيح هذه الحركة لأكثر من أربعين عاماً وكان له القول الفصل في أي جدل يدور في صفوفها, وقد استبشر الجميع خيراً حينما تقرر عقد المؤتمر العام السادس قبل الانتخابات ليتم تحديد معالم جديدة للحركة تمكنها من تحديد كيفية منافسة خصومها السياسيين وتحسم الجدل الدائر في صفوفها، وهذا الاستبشار بالخير تلاشى بعد قرار تأجيل المؤتمر السادس لشهر مارس من العام 2006 لأن الانتخابات تكون قد تمت والله أعلم.

على كل حال وبعد طرح العديد من الآراء وبعد تداول كافة الأفكار الكفيلة بضمان فوز معقول لفتح يمكنها من الاحتفاظ بالسلطة حتى لو بمشاركة الآخرين، وبعد التأكد من ضرر التعيين لأي قائمة لفتح فقد سلم الجميع بضرورة إجراء انتخابات تمهيدية في الحركة اصطلح على تسميتها " البرايمرز" حتى أن العجائز حفظن هذا الاسم أكثر من الاسم العربي ولكن قمن بتحويره ليتلاءم مع اللغة العربية وأصبح حسبهن البريمي .

وهذا تطور هام في تاريخ فتح ويضعها في طريق جديد خاصة أن المؤتمر السادس قد تم تأجيله، ولكن هل يكفي أن يتم اتخاذ قرارات بإجراء انتخابات تمهيدية وحسب؟

وهل يكفي فقط تشكيل لجنة عليا للإشراف على هذه الانتخابات ؟؟

بالطبع لا يكفي لأن الأمر جد خطير ويضع الحركة في مفترق طرق ولابد من إنجاح هذه التجربة بكل الأشكال ، لذا كان يجب إعطاء الاهتمام الكامل والجدي لإنجاح التجربة وعدم ترك أي أمر فيها للمصادفة أو المجازفة لأن المصادفة تعني نظام سياسي مختلف والمجازفة تعني المجازفة بأربعين سنة من الكفاح والعطاء لأجل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وفي لحظة نصبح على الهامش .

وقد يتساءل البعض.. وهل الأخوة الذين تم تكليفهم بالإشراف غير مؤهلين لهذه المهمة ؟ لا لا سمح الله بل هم كفاءات مشهود لها وخاضوا تجارب متنوعة ومتعددة ، إنما الأمر هنا يتعلق بانتخابات داخلية مليئة بمخاطر كبيرة وكثيرة ، لذا كان لابد من تفرغ هؤلاء الأخوة لإنجاح التجربة خاصة وأنه منذ تشكيل اللجنة المركزية للإشراف على الانتخابات لغاية الآن امتلكنا وقتاً كافياً لإتمام التجهيزات اللازمة لإجرائها ثم أنه يجب عدم إشراك أي مرشح في الإشراف عليها حتى لو كان إشرافه في مكان يختلف عن مكان سكناه لأنه ثبت دائماً أن غير المرشحين يحرصون أكثر على نجاح التجربة. أما المرشحون فيحرصون على نجاحهم الفردي و عليه نتساءل :

أولاً/ لماذا تم فتح المجال لجمهور فتح بالتسجيل لهذه الانتخابات ولم يقتصر فقط على أعضاء الحركة المعروفين ؟؟

ثانياً/ لماذا تم تأخير إنجاز كشوفاً بأسماء من لهم الحق في المشاركة في الانتخابات إلى الليلة التي سبقت الانتخابات ؟

ثالثاً/ لماذا تم خلط الشُعَب داخل المنطقة الواحدة رغم الحصول عليها من الأقاليم بشكل منظم ؟؟

رابعاً/ لماذا تم خلط مناطق كاملة مع بعضها البعض ؟؟

خامساً/ لماذا تم إسقاط العديد العديد من الأسماء وصلت إلى الآلاف دون توضيح الأسباب ومنهم كادر تنظيمي هام وبعض المرشحين و أعضاء مكتب تعبئة وتنظيم و لجان أقاليم وأعضاء لجان مناطق .. الخ ؟؟

سادساً/ لماذا لم يتم توفير الحماية الكافية للصناديق الانتخابية في كل مكان انتخابي

سابعاً/ لماذا لم يتم مراجعة كافة الكشوف مع الأقاليم قبل نشرها ؟؟

ثامناً/ لماذا الترتيب الأبجدي للأسماء لم يكن ترتيباً أبجدياً علمياً دقيقاً ؟؟

تاسعاً/ لماذا لم يطمئن أي مسئول كبير على التجهيزات ويتأكد من صحة العملية ويتأكد من أن الأمور غير قابلة للفشل ؟؟

عاشراً/ لماذا تم إيقاف العملية الانتخابية في كافة مناطق قطاع غزة ؟؟

فمثلا إقليم شمال غزة وإقليم شرق غزة وإقليم غرب غزة أوشكوا على إنهاء العملية لولا قرار إيقاف الانتخابات .

فبالرغم من كل الصعوبات و كل المآخذ للأقاليم على ما تم من تجهيز إلا أن الأقاليم أصرت أن لا تكون عائقاً في وجه هذا البرايمرز حتى نستطيع الوصول ليوم الثالث من ديسمبر موعد بدء تقديم طلب الترشيح بقائمة جاهزة وغير مختلف عليها من الغالبية الساحقة لفتح .

وقد حاولت الأقاليم وعلى سبيل المثال في إقليم شمال غزة رغم حرق صناديق بيت حانون ظهراً أن تواصل الاقتراع إلا أن العملية استمرت حتى الساعة الخامسة مساء حيث تم حرق صندوق في بيت لاهيا وصندوق في مخيم جباليا ، أما باقي الصناديق فقد قام الشرفاء والأبطال بحمايتها , والبعض قال على جثثنا يتم المس بهذه الصناديق وضرب الأخوة في كل من قرية أم النصر والسلاطين وبيت لاهيا ومشروع بيت لاهيا ومخيم جباليا وجباليا البلد والنزلة مثلاً يحتذى في حماية الصناديق واستكمال العملية وإحضار الصناديق لمكتب الحركة .

وهنا نتساءل هل حرق صندوق أو صندوقين يؤدي إلى إلغاء العملية برمتها أم أن قراراً جريئاً بالمواصلة كان أجدى وأنفع حتى لو بقى صندوقاً واحداً ؟؟ وبعد ذلك يتم دراسة وضع كل حالة بشكل منفرد ويتم اتخاذ القرار المناسب بشأنها إما بالإعادة فيها فقط أو استثنائها من الفرز .

وهنا يكون الحديث محصورا بمشاكل جزئية وصغيرة وليس بمشكلة عامة وكبيرة .

وبذلك لا نسجل فشلاً ذريعاً في إجراء الانتخابات التمهيدية للحركة وبالتالي الوقوف على عتبة الفشل. و من الجدير طرحه أن حق إيقاف الانتخابات لا يجب أن يكون بيد اللجنة المشرفة لوحدها بل بيد قيادة فتح لأنه قرار خطير جداً . ومن اجل قليلاً من التفاؤل الذي يعيد للنفوس هدوءها فإنني أقترح التالي :

أولاً / إعادة تشكيل اللجنة المركزية المشرفة على الانتخابات التمهيدية بحيث لا تشمل أي من الذين تم تكليفهم وفشلوا .

ثانياً / إجراء انتخابات داخلية لاختيار مرشحي الحركة فوراً وليس بالضرورة مشاركة جمهورنا الحبيب في هذه العملية بل الأعضاء المعروفين فقط ؟؟

ثالثاً / عدم التعامل مع الأمور رزمة واحدة بمعنى لو استطعنا النجاح في رام الله فهذا جميل ولو وفقنا الله في جباليا فهذا رائع ولو أخفقنا في غزة فنحاول إيجاد حلول مناسبة تتلاءم مع الوضع القائم .

رابعاً / توفير الحماية اللازمة لضمان نجاح العملية وكل هذا مطلوب فوراً ، فلا يوجد وقت للتفكير والنقاش أما بعد ذلك يتم الحساب وتشكيل لجان تحقيق .

وأخيراً أقول لكل فتحاوي غيور ماذا يفيد النجاح الشخصي مع الفشل الجماعي ؟

وأقول لشعبنا : هذه الحركة تواجه هذه المشاكل لأنها مسئولة وترغب دائماً أن يكون شعبها معها في كل مسئولية .