Nsreen عضو فعال
عدد المساهمات : 113 تاريخ التسجيل : 24/07/2009 العمر : 49
| موضوع: التراث الشعبي في الامارات الثلاثاء مارس 16, 2010 9:50 pm | |
| |
| مدخل للتراث الشعبي في دولة الإمارات العربية المتحدة
المادة :: تعريف التراث الشعبي
تمهيد
يشكل تراث الشعوب الإطار التاريخي الذي تنطلق منه حضارة أي شعب، فهو بمثابة الوعاء الذي يجمع بين جنباته الحصيلة الإنسانية لكافة جوانب تطور هذه الشعوب ونموها .. من هذا المنطلق يهدف الباب الاول من هذا الكتاب إلى صياغة إطار نظري عام حول تفسير مصطلح التراث بشكل عام والتراث الشعبي بشكل خاص باعتباره يمثل مدخلا لرصد الحياة الشعبية في دولة الإمارات التي ما زلنا نحيا كثيراً من مظاهرها، كما سيتطرق لتفسير بعض المصطلحات التي لها علاقة بوجه أو آخر بالتراث الشعبي كالفلكلور أو الموروثات الشعبية أو المأثورات الشعبية، وسنرى هل بالإمكان استخدامها كبديل لمصطلح التراث الشعبي أم إنه يوجد اختلاف بينها؟.... كما سنتعرف على أهم مجالات التراث الشعبي، وذلك بتقديم عرض موجز عن كل مجال وأهم العناصر التي يحتويها متخذين من تراث دولة الإمارات حالة تطبيقية على ذلك وهذا ما سيرد في الفصل الاول، أما بالنسبة للفصل الثاني من هذا الباب فهو معني بتتبع أهم الجهود الذي بذلت في المحافظة على التراث في دولة الإمارات سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشعبي.
المادة :: أولاً : ما المقصود بالتراث والتراث الشعبي بشكل خاص ....؟
تعد كلمة تراث من الكلمات الشائعة الاستخدام في اللغة العربية الفصحى وفي لهجاتها المختلفة فالتراث في اللغة هو كل ما يخلفه الرجل لورثته أي لأبنائه وأهله من بعده وهو متوارث وقابل للإيراث من بعده بحكم التقادم والانتقال. كما وردت كلمة تراث في القرآن الكريم وذلك في قوله سبحانه وتعالى وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حباً جما ، كما وردت في قوله سبحانه وتعالى ثم أورثنا الكتاب .. ذلك هو الفضل الكبير ويتبين لنا من كلا الآيتين ان للتراث شقين شق مادي كما ورد في الآية الاولى وشق روحي فكري كما ورد في الآية الثانية، كما أتت كلمة تراث في أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وفي أقوال الصحابه والمحدثين، إضافة إلى ورودها في الشعر الجاهلي، يتضح من هذه الامثلة ان كلمة تراث كلمة أصيلة مستمدة من ينبوع الحضارة العربية والاسلامية، هذا على الصعيد اللغوي، اما على الصعيد الثقافي والحضاري فالتراث كما يعرفه محمد أركون بأنه سنة الآباء، وإطار من الاحكام والشرائع، ومعلومات عملية تجريبية شعبية، ومجموعات أدبية فكرية علمية مكتوبة .. من هذا التعريف يتبين لنا ان التراث يحمل بين طياته موروثات مادية ملموسة نلتمسها في أسلوب الحياة وأدوات وأساليب الانتاج وفي غيرها من الاشياء المحسوسة، وموروثات فكرية وجدانية متجسدة في القيم والعادات والتقاليد ... الخ. اما التراث الشعبي على وجه التحديد، فليس هناك اتفاق واحد على تفسيره، وذلك شأنه شأن معظم مصطلحات العلوم الاجتماعية التي تتأثر بالخلفيات العلمية والسياسية والحضارية للعلماء القائمين عليها. ولكن هذا لا يمنع من عدم وجود اتفاق عام حول أهم موضوعات التراث الشعبي، فهناك شبه إجماع أكاديمي على أهم ملامح وأسس وموضوعات التراث الشعبي، ويعرف التراث الشعبي بصفة عامة بأنه (العادات والتقاليد والقيم والفنون والحرف والمهارات وشتى المعارف الشعبية التي أبدعها وصاغها المجتمع عبر تجاربه الطويلة والتي يتداولها افراده ويتعلمونها بطريقة عفوية، ويلتزمون بها في سلوكهم وتعاملهم حيث إنها تمثل أنماطا ثقافية مميزة تربط الفرد بالجماعة كما تصل الحاضر بالماضي). والملاحظة الجديرة بالذكر في هذا المقام، هو انه في أحيان كثيرة ترد إلى مسامعنا مصطلحات تراثية كالفلكلور، والمأثورات الشعبية، والموروثات الشعبية، والسؤال هنا هل هذه المصطلحات مرادفة لمصطلح التراث الشعبي؟، وهل بالإمكان استخدامها كبديل لمصطلح التراث الشعبي ....؟
المادة :: (أ) الفولكلور
الفلكلور يعد من المصطلحات التي دخلت حديثا إلى اللغة العربية، فهو في الواقع ترجمة لمصطلح انجليزي ظهر في القرن التاسع عشر، ويعني بالعربية الفصحى (حكمة الشعب)، حيث يشير الشق الاول من الكلمة (فلك) إلى الشعب، بينما يشير الشق الثاني من الكلمة (لور) إلى مجموعة المعارف والتقاليد المكتسبة عن طريق الخبرة، ويستخدم المصطلح في بعض الاحيان وبالتحديد في الثقافة الفرنسية للتعبير عن أشياء غير جادة أو استهزائية – عندما يقال على سبيل المثال هذا من باب الفلكلور أي من باب الطرافة.
المادة :: (ب) المأثورات الشعبية
المأثور لغة هو المنقول قرنا عن قرن، وقد استحدث هذا المصطلح من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، كما أقره مجمع اللغة العربية، وهو في الواقع استحدث كترجمة لمصطلح الفلكلور، ولكن يؤخذ على هذا المصطلح انه يركز بشكل ملحوظ على الآداب الشفاهية ويغفل جوانب أخرى من التراث سنذكرها لاحقا.
المادة :: (ج) الموروثات الشعبية
تتمثل الموروثات في كل ما خلفه لنا الآباء والاجداد من تراث سواء المتمثل في جانبه الفكري ام المادي وهي بذلك تتفق لغوياً مع مصطلح التراث. ولكن الفرق يكمن في ان التراث لا زال يؤدي دوره الوظيفي في يومنا هذا بعكس الموروثات الشعبية التي يفترض انها فقدت دورها الوظيفي.
المادة :: من خلال العرض السابق ( أ ، ب ، ج )
يعتبر مصطلح التراث الشعبي أجدر بالاستخدام في ادبيات التراث من المصطلحات التراثية الأخرى، وهذا ما توصل إليه أ.د. سيد حامد حريز في إحدى أبحاثه المعنية بدراسة التراث الشعبي. حيث أكد على أهمية استخدام مصطلح التراث الشعبي عن بقية المصطلحات التراثية الأخرى وذلك لعدة أسباب، كما أوضحها سيد حريز فهو مستمد من اللغة العربية الفصحى كما أنه مرتبط بالحضارة العربية والإسلامية فهي قد وردت في الشعر الجاهلي، وفي بعض آيات القرآن الكريم، كالآيات التي تطرقت لذكرها سابقا، كما وردت في بعض اقوال الرسول صلى الله عليه وسلم. أضف إلى ذلك اشتمالها على مجلات التراث المختلفة سواء المتمثلة في جانبها المادي ام المعنوي بعكس عبارة الفنون الشعبية التي تقتصر على الجانب المعنوي فقط.
المادة :: مجالات التراث الشعبي
لم يتفق الباحثون بعد على تصنيف موحد لمجالات التراث الشعبي ولا تكاد تجمعهم وجهة نظر واحدة في هذا المجال ... وقد آثرنا في هذا البحث ان نعتمد التصنيف الذي استحدثه الدكتور محمد الجوهري فقد رأى ان يقسم موضوعات التراث إلى أربعة اقسام جاءت على النحو التالي : 1. الادب الشعبي. 2. العادات والتقاليد. 3. المعتقدات والمعارف الشعبية. 4. الثقافة المادية والفنون الشعبية
المادة :: أولا : الأدب الشعبي
في الواقع لا يزال تحديد الأدب الشعبي أمراً يختلف عليه النقاد ودارسو الأدب. ففريق منهم يرى أن الادب الشعبي لأي أمة هو أدب عاميتها التقليدي وبالتالي هو الأدب الذي يوصف بالأدب الشفاهي، المتوارث، المجهول المؤلف، وفريق منهم يرى الأدب الشعبي بأنه هو نفسه ادب العامية سواء أكان شفاهياً أو مكتوباً مجهولاً ام معروف المؤلف، حديثاً أم متوارثاً، ولكن من الملاحظ في مراجع الأدب الشعبي ان معظم هذه المراجع تتفق على ان الادب الشعبي تدخل ضمنه كل فنون القول التي توارثت مشافهة : اللغة المحلية وعلوم صناعتها، الأشعار، الأزجال، الأحاجي، الخرافات، السير، الملاحم والحكايات، ثم الأمثال .. وسنعرض من خلال الأسطر التالية بعض فنون الأدب الشعبي.
1- الشعر
لقد ذكرنا الشعر في المقام الاول وذلك لتأثيره الجلي في نفوس الناس فالشعر يصل للعامة والخاصة من الناس وهو بذلك يعتبر من أكثر عناصر الأدب الشعبي انتشارا، وتداولا بين أفراد المجتمع، سواء أكان في الماضي أم في الحاضر حيث استطاع هذا الشعر بالفعل ان يفجر إبداعات أدبية رائدة في المنطقة ساهمت في إثراء التراث الشعبي. أضف إلى ذلك نفسية العربي وتكوينه الحضاري الذي يضع الشعر في مرتبة سامية، ومن أهم أغراض الشعر وموضوعاته. الشعر الاجتماعي، البداوة، الغوص، البحر، النصائح، الحكمة، الفخر، الذم، شكوى الزمان، الوصف، الغزل وغيرها من المواضيع المهمة التي ساهمت في الواقع في خلق اتجاهات فكرية جديدة في المنطقة، ونحن بهذا الحديث عن الشعر نكون قد فتحنا المجال للشعر النبطي وتأتي الابيات التالية كمثال على هذا النوع من الشعر :
إذا بغيت إنك تصاحب صاحب لا تصاحب إلا جيد الاطباع حتى إذا ضاق المجال ايثيبك بمـدافـع ومنـافـع وأفـــزاع
أما بالنسبة لتصنيف الشعر النبطي، فقد كثرت الاجتهادات وتنوعت حول تصنيفه، ومن بين هذه الاجتهادات رأي الدكتور (أحمد امين المدني) الذي ضمنه كتابه (الشعر النبطي)، حيث يرى ان هناك ستة أنواع للشعر النبطي وهي على التوالي : القصيدة، المربوع، التغرودة، الرزحة، العازي، العيدان. وللشعر نوع آخر وهو المتمثل في الشعر التقليدي أو المقفى وهو ما درج العرب على نظمه قبل الاسلام واستمر حتى يومنا هذا، ومنه قول الشاعر زهير بن ابي سلمى :
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم ومن يغترب يحسب عدوا صديقه ومن لا يكرم نفسه لا يكرم
2- الأهازيج الشعبية
تعتبر الأهازيج سجلا حافلا للاغاني التي كانت تردد على ضفاف الخليج العربي في شتى المناسبات، فإذا رجعنا لاصل كلمة هزج نرى ان المراجع بينت لنا ان الهزج قديم في الادب العربي (وهو في معظم معانيه يعني الغناء) الفرح، لكننا لو أمعنا النظر في هذا الضرب من الفنون في الخليج نلاحظ أنه متنوع لدرجة كبيرة، وهذا نتيجة طبيعية فرضته طبيعة البيئة التي امتزجت فيها فنون البحر والغوص بفنون الزراعة والرعي فلكل بيئة ضرب معين من الأهازيج ولكل مناسبة كذلك. أما عن أهم الوظائف التي تقوم بها الاهزوجة في حياة الفرد في تلك الفترة، فقد كانت في الواقع تقوم بوظيفة نفسية بالدرجة الأولى، فالفرد كان يرددها للترويح عن النفس وعن ضغط الحياة لهذا نلاحظ ان الأهازيج شغلت حيزاً مهما في الأدب الشعبي. أما عن وظيفتها في يومنا هذا فيمكننا القول ان الأهازيج الشعبية تعتبر المرآة التي تعكس لنا واقع الشعب في تلك الفترة، وهذا ما تدل عليه نصوص تلك الاهازيج فقد تنوعت هذه النصوص ما بين نصوص معاناة من الحياة اليومية أو نصوص أماني ومنها تلك النصوص التي كانت ترددها الأم على أطفالها، ومن بين هذه النصوص تلك الأهزوجة التي تقول :
لإ إلـــــــــــــه إلا الـــــــــلــــــــه لإ إلــــه إلا الــــلــــه أتحــرســــك فـي منــامـــك أو لـيـلـة عــرســــك وابعون الله لا شر لا سو يقدر عليك
أما في الفترات التي يعم فيه الرخاء فينعكس مسار الاهزوجة فتختلف النصوص من حيث المقصد والخلجات النفسية وهذا ما يثبت صحة حديثنا الذي ورد سابقا، في اعتبار ان الاهزوجة هي الصورة الحقيقية لحياة الناس في تلك الحقبة من الزمن. ويعد كتاب على إبراهيم الدرورة بمثابة الدليل لجمع ما تشتت من الاهازيج في الخليج ومن الامثلة على الأهزوجة الشعبية ما كان يردده آباؤنا أثناء الغوص..
اللهم صلي وسلم عليه .. بيت الرسول مكة يا مدينة مكة .. يا مدينة بيت رسول الله .. هو لو يالله هولو يا هولو.
3- الأمثال الشعبية
ما ينبغي توضيحه أولا في هذا المقام، ان المثل الشعبي يرتبط بالكلام العادي أو اللغة المحلية الدارجة وهذا ما جعله أكثر أنواع الأدب الشعبي انتشارا بين الناس، فالمثل الشعبي هو التعبير اللفظي المختصر والمتداول بغير تبديل أو تغيير في لفظه الحرفي، وعادة ما يتضمن حكمة أو موعظة أو نصيحة فهو في كثير من الاحيان يكون مستخلصاً من الحكم والتجارب في الحياة كالمثل الذي يقول (إذا فات الفوت ما ينفع الصوت) فهذا المثل على سبيل المثال يضرب في الندم على شيء فات، والأمثال عادة ما تكون ذات ارتباط قوي بالبيئة وبالإنسان، فهي في الواقع انعكاس للبيئة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية المعاشة وهذا ما يكشفه لنا اختلاف صياغة بعض الامثال عن بعضها بعضاً على الرغم من أنها تؤدي إلى نفس المعنى كالمثل الذي يقول (اللي ما يعرف الصقر يشويه) هذا ما أفرزته لنا البيئة البدوية، نلاحظ في المقابل في البيئة الزراعية المثل القائل (اللي ما يشوف من لغربال يبقى أعمى). أما عن الدور الذي تعلبه الامثال في الحياة اليومية للفرد، فهي بمثابة الدليل لرصد أحداث الحياة، كما أنها تلعب دوراً كبيراً في حياة الأفراد عن طريق تأثيرها النفسي عليهم، فهي كفيلة بخلق اتجاهات فردية إيجابية وذلك بما تحمله الأمثال الشعبية المحلية من قيم اجتماعية سامية كالمثل الذي يقول (من زرع في غير بلاده لا له ولا لولاده) فهذا المثل ينمي روح الوطنية في قلوب الناس. من هذا تعد الأمثال الشعبية من أهم وأفضل المصادر والوثائق التاريخية الحقيقية الهامة والضرورية لمعرفة نفسية أي شعب في أي رقعة على خارطة الأرض، وليس هذا فحسب بل هي تساعدنا على معرفة تطوره الفكري والذهني والحضاري والأخلاقي على مر العصور. باختصار يمكن القول عن المثل كما ورد على لسان ابن عبد ربه، بأنه هو وشي الكلام وجوهر اللفظ في كل زمان ومكان وعلى كل لسان فهو أبقى من الشعر وأشرف من الخطابة لم يسر شيء سيرها ولا عم عمومها (فقيل أسير من مثل).
4- القصص المنثور :
ويشتمل هذا القصص المنثور على ثلاثة أنواع هامة هي الأساطير الشعبية، الحكايات الشعبية، السير الشعبية. وفي بحثنا هذا سنتناول بالشرح فقط الحكايات الشعبية والسير الشعبية، أما بالنسبة للأساطير الشعبية فهي على الرغم من انها تحتل مكانة متميزة في الادب الشعبي العالمي إلا انه في تراث دولة الإمارات نلاحظ أن هذا النوع من الادب لا يحتل هذه المكانة لذلك سنستبعد ذكره في هذا المقام.
(أ) الحكايات الشعبية :
قبل ان نوضح الأهمية التي تعلبها الحكاية الشعبية، لا بد لنا أولا ان نتطرق لتحديد مسمى الحكاية، فالحكاية مشتقة من الحكي، ويعرف الحكي بأنه الطريقة التي تتحول بها تجربة ما إلى إفادة كلامية، ومن ثم فإن الحكاية هي وسيط لتوصيل التجربة، وهي أعلى مرحلة من (الجملة) فبينما تصل الجملة الكلمات بعضها ببعض نجد الحكاية تربط وتصل أفعالا وأحداثا، وفي دولة الإمارات نلاحظ أن الحكاية تسمى (سالفة) وهذه التسمية تؤكد معنى الحدث الذي وقع في سالف الزمن .. ومن ملاحظة سجل الحكايات، يتبين لنا ان الحكايات الشعبية أو القصص الشعبي ينقسم إلى عدة أنواع، وان كل نوع له شكل ومحتوى يختلف فيهما عن أي نوع آخر، ولكن ما يهمنا في هذا المقام، ان نعدد أهم أنواع القصص الشعبي، وهي تنقسم إلى سبعة أقسام كما صنفتها. نبيلة ابراهيم : 1. الحكاية الخرافية لا سيما تلك التي تتضمن الحكايات السحرية حكايات الجان كحكاية (أم الدويس) في مجتمع الإمارات، وملخص هذه الحكاية ان ام الدويس تصور على انها إمرأة قبيحة يدها على شكل المنجل تقتل بها ضحاياها من الذكور بعد ما تظهر لهم في شكل إمرأة جميلة جذابة تغريهم وتخدعهم ثم تقتلهم. 2. حكاية المعتقدات وهي معتقدات ترتبط بالقوى الخارقة كالخالق عز وجل، وبالملائكة وبأنهم رمز للخير والنقاء، وكذلك المعتقدات المرتبطة بالشياطين وبأنهم رمز للشر والفساد، وكذلك هناك المعتقدات المرتبطة بالقوى الطبيعية كالشمس والقمر والنجوم بأسمائها ودلالات ظهورها وارتباطها بالأحوال الجوية. 3. حكايات التجارب اليومية وهي حكايا مستمدة من حياة الناس وما فيها من حوادث تدعو لأخذ العبرة والدرس. 4. الحكايات التاريخية وهي تحكي لنا أحداثا تاريخية وقعت في زمن أجدادنا. 5. قصص الحيوان وهو قصص رمزي، يقصد به الكشف عن عيوب الإنسان، من خلال حديث الحيوان أو الطير مثل الغراب، ومكر الثعلب، وعن النسور ... الخ. 6. الحكايات الهزلية وتهدف إلى إشاعة روح النكتة والفكاهة وتأخذ أحياناً طابع النقد. 7. القصص الديني وهي القصص الواردة في القرآن الكريم، وقصص الصحابة والتابعين والأولياء الصالحين.
ومن خلال دراسة بعض الحكايات التي اطلعنا عليها نلاحظ ان الحكاية الشعبية كانت ولا تزال تلعب دوراً هاماً وحيوياً في التنشئة الاجتماعية، كما تساهم بدور جلي في العملية التربوية، وذلك كون هذه الحكاية تعتبر مصدرا من مصادر نقل المعرفة والخبرة والتجربة الإنسانية والقيم والمعتقدات السائدة في المجتمع الشعبي، وذلك كله في إطار زمني يجمع ما بين الترفيه والتعليم. ولابد لنا ان نذكر في هذه المقام جهود مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون حيث قام هذا المركز مشكورا بجمع أهم الحكايات الشعبية المنتشرة في الخليج العربي وإصدارها في مجلدين وهو ما زال يتابع نشاطه إضافة إلى قيام المجمع الثقافي بإصدار كتاب بعنوان (حصاة الصبر) لأحمد راشد ثاني، وهو بمثابة الجزء الاول من ضمن مشروع جمع الحكايات الشعبية في الإمارات، ولابد من التنويه بجهد مركز زايد للتراث والتاريخ الذي أعد دورة تدريبية لجمع الحكاية الشعبية وطرق نقلها وتدوينها.
(ب) السيرة الشعبية :
تعد السيرة من أكثر فنون الادب الشعبي العربي انتشارا، وتشكل السيرة الشعبية قسما قائما بذاته من الادب الشعبي، الذي يطلق عليه في وقتنا الحاضر اسم (الادب العامي). أما بالنسبة لموضوعاتها فهي تدور في كثير من الأحيان حول البطولات والفروسية كما ترتبط عادة بسيرة بطل معروف أو فارس مغوار كسيرة عنترة بن شداد وسيرة أبو زيد الهلالي، أما عن الأسلوب المستخدم في السيرة فهي تجمع ما بين أسلوب النثر والشعر. كما أنها في أحيان كثيرة تبدأ وتنتهي بأبيات شعرية أو جمل غنائية موسيقية تجعلها مألوفة لدى المستمع .. وقد أفرز لنا الأدب الشعبي العربي من تاريخه العريق ست سير شعبية وكل هذه السير تدور حول البطولات وأنماط من الفروسية العربية الأصيلة وموضوعات اجتماعية وأخلاقية مختلفة، ومن أهم هذه السير سيرة سيف بن ذي يزن، وسيرة الظاهر بيبرس، وسيرة الأميرة ذات الهمة، وسيرة حمزة العرب أضف إلى ذلك سيرة عنترة بن شداد وسيرة الهلالي.
5- الألغاز الشعبية :
اللغز في اللغة هو الكلام المعمى أو الخفي، فاللغز من ألغز الكلام وألغز فيه عمي مراده وأضمره على خلاف ما اظهره. ومن بين التعريفات الموضوعية التي وردت في هذا الشأن، تعريف ابن رشيق فقد عرف اللغز فقال (أن يكون للكلام ظاهر عجب غير ممكن أو باطن ممكن غير عجب). أما عبدالله الطابور في كتابه الألغاز الشعبية في الإمارات فقد عرف اللغز بأنه هو جنس من الادب الشعبي يتكون من مجموعة من الألفاظ والكلمات الجميلة التي تحمل معنيين في آن واحد، معنى مضمر أو خفي، يبحث عنه السامع، ومعنى آخر ظاهر يورد في حيثيات الكلام وألفاظه البائنة المعرفة. وتختلف مسميات الألغاز من دولة لأخرى ففي الإمارات يطلق عليه اسم لغز، بينما في دولة الكويت تسمى (الغطاوي)، بمعنى ان الجواب في اللغز مغطى أو مخفي. بينما في السعودية نلاحظ انه يطلق عليه اسم (الحجايا) أو (الغبايا). أما في العراق فتسمى (حزورات) أو (أحازير). إلا أن الملاحظة المهمة أنه ولو اختلفت التسميات في الالفاظ والمعاني فإنها جميعا تعبر عن مفهوم واحد وهو الإغماض والإخفاء والسؤال. وتقوم الألغاز الشعبية بعدة وظائف منها على سبيل المثال الوظيفة الترفيهية، فالألغاز وسيلة مبسطة محببة في وسائل التسلية والترفيه والترويح عن النفس خاصة بعد عناء يوم طويل شاق من العمل. كما تقوم بوظيفة تربوية وتعليمية وذلك لما تتطلبه من جهد عقلي متمثل في التأمل ودقة الملاحظة وإدراك العلاقات والمقارنة بين الأشياء. إضافة لهذه الوظائف تقوم كذلك الألغاز بوظائف اجتماعية ونفسية، فالمباريات اللغزية تتيح لأفراد الجماعة على اختلاف أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية فرصة للتخاطب الجماعي بينهم، فهي من هذه الناحية ذات وظيفة اجتماعية، أما بالنسبة للوظيفة النفسية، فهذه المباريات اللغزية تتيح الفرصة لتقوية الإحساس بالتفوق والرضا عن الذات (عند النجاح في معرفة الحلول). والألغاز على نوعين منها العامي أو الشعبي ومنها الألغاز الخاصة التي ارتبطت بالشعر والموال في صياغتها اللفظية وتداولها، أما عن طريقة صياغة الألغاز فهي تتخذ طابع التركيز الشديد. من خلال العرض السابق لأهم مجالات الأدب الشعبي، عرضنا لأهم هذه المجالات ولم نعرض لمجالات اخرى، لان مجالات الادب الشعبي مختلفة ومتنوعة من بيئة لأخرى، وهذا ما يفسر لنا اختلاف تصنيفات الادباء في هذا المجال، فكل كاتب يعكس واقع بيئته المعاش، ولكننا على كل حال تطرقنا لعرض أكثر أنواع الادب الشعبي شيوعاً ولربما يتفق معظم الكتاب على هذا التصنيف ... من الملاحظ كذلك بعد عرض عناصر الأدب الشعبي ان هذه العناصر تلتقي في بعض النقاط فلاحظنا ان مؤلفي هذه العناصر سواء أكانت الأهازيج أم الامثال ام القصص ام الالغاز .. الخ، مجهولة المؤلف وبما أنها لم تنتج عن طريق شخص معين فهي بالتالي إنتاج شعبي مشترك، وبما أنها أنتجت من قبل جماعات شعبية بسيطة غير ملمة بالقراءة والكتابة فهي نتيجة طبيعية انها ستعتمد على التعبير الشفاهي أو القولي، إضافة إلى ذلك تداول هذه العناصر وانتشارها بين مختلف الأجيال.
المادة :: ثانياً : العادات والتقاليد
قبل ان نوضح ما المقصود بهذا المصطلح وما هي محتوياته لابد أن نبين أولا ما انتهى إليه الدكتور محمد الجوهري بانه لا يوجد ميدان من ميادين التراث الشعبي بعد - الادب الشعبي – حظي بمثل ما حظي به ميدان العادات الشعبية من العناية والاهتمام وما يثبت لنا صحة كلام الدكتور الجوهري ذلك الكم الهائل من الدراسات الفلكلورية والسيولوجية من ناحية، وفي عمليات الجمع والتسجيل من ناحية أخرى لدرجة انه بات من المستحيل على باحث واحد ان يلم بهذا المجال إلماماً كاملا، ولا غرو في ذلك فالعادات والتقاليد الشعبية تقدم لنا صورة متكاملة عن حياة أي مجتمع فمن خلالها يمكن لنا فهم ثقافة المجتمع وواقعه المعاش. أما عن ماذا نعنيه بالعادة الشعبية فهناك العديد من التعريفات في هذا الموضوع إلا أن معظم هذه التعريفات أجمعت على ان العادة هي نمط السلوك الذي يرتضيه الفرد أو الجماعة لأنفسهم فيميل إلى الثبات بمرور الوقت بل وللانتقال الوراثي فمن خلال هذا الانتقال بين عدة أجيال تتوسع العادات والتقاليد وتنمو ومن ثم تكتسب سلطانا في المجتمع. ومن خلال خلاصة هذه التعريفات المقدمة لمصطلح العادة الشعبية نستطيع ان نستنج أهم خصائص العادة الشعبية. (1) نلاحظ أن العادة هي فعل اجتماعي بالمقام الاول حيث إنها تظهر للوجود حينما يرتبط الفرد بآخرين ويأتي أفعالا تتطلبها منه الجماعة. (2) نلاحظ كذلك أن العادة لا بد لها من ينبوع تراثي يدعمها ويغذيها عبر عدة أجيال ومن هنا فهي تاريخية الطابع. (3) تمتلك العادة قوة معيارية وظاهرة تتطلب الامتثال الاجتماعي بل الطاعة الصارمة في معظم الأحيان، والفرد الخارج عن العادة هو شاذ اجتماعي يستحق العقاب. (4) ترتبط العادة في معظم الاحيان بمواقف واحداث الحياة فهي لابد لها من وجود موقف حتى تظهر للوجود كالزواج مثلا. (5) تتخذ العادة صورا عديدة تظهر في تلك التنويعات اللانهائية من العادات في كافة مجالات الحياة وتزداد تنوعا تبعا لتباين السن والنوع والمهنة وما إلى ذلك من أمور. أما بالنسبة لتصنيف العادات والتقاليد الشعبية فهي في الواقع خضعت لمجموعة من التصنيفات كتصنيف الكسندر كراب وتصنيف دورسون، والتصنيف الذي قام به محمد الجوهري وزملاؤه، ولكننا في هذا المقام سنأخذ بتصنيف الدكتور الجوهري لأنه قام بالفصل بين العادات والتقاليد وما بين المعتقدات. فقد ضم التصنيف الموضوعات التالية : (1) عادات دور الحياة البشرية وهي تنقسم بدورها إلى مجموعة من المراحل : (أ) الميلاد : الحمل، الوضع، الوليد وكيفية الاهتمام به، السابعة، تنشئة الطفل، الختان. (ب) الزواج : الخطوبة، الزواج في المدن، زواج أهل البادية، زواج أهل القرى. (ج) الوفاة : طقوس الدفن، العزاء، زيارة القبور. (2) الأعياد والمواسم والشهور الدينية وهي متعددة وتختلف من منطقة لأخرى إلا أنه من ابرزها ... (أ) الأعياد الدينية : مثل رأس السنة الهجرية، وشهري رجب وشعبان، وشهر رمضان المبارك، والعيد، والحج. (ب) المناسبات الوطنية: ذكرى تأسيس الاتحاد، وذكرى جلوس صاحب السمو رئيس الدولة. (ج) المواسم الزراعية: كمواسم التلقيح والتبشير للنخلة وغرسها وما يصاحب ذلك من اشعار وأناشيد جماعية وقد اختفى اغلبها مع اساليب الزراعة الحديثة ودخول الميكنة. (3) الفرد في المجتمع المحلي وتشمل : (أ) المراسيم الاجتماعية كمراسيم استقبال الضيف والعلاقات بين الكبير والصغير، وبين الغني والفقير ... الخ. (ب) العلاقات الأسرية، وفيها يوضح مركز الأب والابناء والام والعلاقة بين الاكبر والاصغر. (ج) العادات المتعلقة بالطعام : سواء بالمجتمع العائلي لتناول الوجبات الرئيسية الثلاث وما يتبعها من عادة شرب الشاي والقهوة، كذلك ولائم الضيوف التي تقام في حفلات الختان والافراح والولادة، وفي المآتم كل حسب البيئة التي يعيشها، حيث تختلف بعض العادات في البيئة الصحراوية عن البيئة الساحلية.
المادة :: ثالثاً : المعتقدات والمعارف الشعبية
قبل كشف النقاب عن أهم المعتقدات السائدة في المجتمع الإماراتي لابد لنا أولا ان نتطرق لتفسير مصطلح المعتقد ... ما هو المعتقد الشعبي؟ وما هي أهم موضوعاته؟ تعتبر المعتقدات الشعبية ظاهرة طبيعية لكل شعوب العالم، وتتعدد أشكال وصور وطبيعة هذه المعتقدات من بيئة لأخرى، فمنها ما يسرد على شكل حكايات وقصص وأساطير ومنها ما يقام له الطقوس والاحتفالات، وفي أحيان كثيرة تصبح المعتقدات على شكل أعراف تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل وتصبح جزءاً من عقيدة هذه الاجيال. والسؤال الآن ما هو المعتقد؟ يعرف المعتقد بأنه (مجموع المعلومات والمعارف المتراكمة في أذهان الناس عن حياتهم والبيئة المحيطة بهم وعلاقاتهم بعضهم ببعض، والتي تشكل الإطار المرجعي لكل مظاهر سلوكهم..). أما محمد الجوهري فيرى المعتقدات والمعارف الشعبية بأنها (مجموعة المعتقدات التي يؤمن بها الشعب فيما يتعلق بالعالم الخارجي والعالم فوق الطبيعي). نستشف من هذا التعريف ان هناك معتقدات مترسخة في أذهان الناس ومن الصعب جداً التخلص منها وذلك لتسليمهم بصدق ويقين هذه المعتقدات، ومن أهم الموضوعات التي يمكن أن تندرج تحت هذا الميدان، نجد تلك المعتقدات الدائرة حول الطب الشعبي، والكائنات فوق الطبيعية، والقوى الطبيعية كالمعتقدات المتعلقة بالأجرام السماوية، والأرواح وغيرها من المعتقدات التي سنحاول من خلال الأسطر التالية إعطاء نبذة عنها.
1- الطب الشعبي :
يعرف الطب الشعبي بأنه التطبيب من الامراض أو الاعراض الصحية والنفسية عن طريق الأعشاب والأدوية الشعبية أو الممارسات التقليدية والتي امكن التعرف عليها منذ القدم بواسطة مطببين محليين أو شيوخ دين .. وفي الواقع هناك عدة مسميات للطب الشعبي مثل الطب المحلي أو التقليدي أو البديل .. ونلاحظ أنه في دولة الإمارات وعلى الرغم من التحسن الكبير في الخدمات الصحية إلا أن الطب الشعبي لا يزال يستخدم عند قطاع واسع من الناس، وهذا ما أثبتته إحدى الدراسات العلمية. أما عن مجالات الطب الشعبي كما حددها الطابور، هي كالآتي : (أ) العمليات الطبية (الكي، الحجامة، الختان، التجبير، علاج الجروح، الولادة ..). (ب) الطرق والوسائل العلاجية (المسح والترفيع، الخويه، التخبي، التقميع، العزل عزل المريض، العلاج بالماء). (ج) الوصفات الدينية (المحو، علاج العين، علاج المس). (د) الأدوية الشعبية (أدوية نباتية، خلطات ومركبات، أشربة وأوراق).
2- القوى الطبيعية :
وهي المتعلقة بالأجرام السماوية سواء أكانت الكواكب أو النجوم أو الشمس أو القمر بأسمائها ودلالات ظهورها، وارتباطها بالأحوال والتغيرات الجوية وحساب المواقيت والمناسبات الدينية وغيرها.
3- معتقدات لها طبيعة وظروف خاصة :
هذه النوعية من المعتقدات لها صور وأشكال مختلفة، وأصبحت متوارثة بين افراد المجتمع جيلا بعد جيل، وفيما يلي نماذج منها : (أ) المعتقدات الخاصة بسقوط الأسنان، فكانت عندما تسقط الأسنان اللبنية للأطفال، كان الأهالي يخافون على أبنائهم من العبث بها أو بلعبها، فنتيجة لذلك ابتكر الأهالي عرفاً وهو ان يقوم الأطفال بالتخلص من اسنانهم التي سقطت بحذفها نحو قرص الشمس ويقولون (هاج ياعين الشمس ضرس الحمار وعطيني ضرس الغزال). (ب) التحذير من التصفير ليلا لأن ذلك سيخرج الثعبان، وهذا أيضاً اعتقاد خاطئ ليس له أساس من الصحة. (ج) المعتقدات والسلوكيات التي أوجدتها النساء فيما يختص بعملية الإنجاب، كالإعداد لمقدم الطفل، ورعاية الحامل من التعب والإرهاق والحسد، كذلك الولادة وما تتضمنه من استعدادات خاصة وأدعية تتعلق بتسهيل الطلق على المرأة ومساعدتها على الوضع، وإعداد بعض الوصفات الغذائية لرد العافية للنساء بعد الولادة، كما تتضمن هذه المعتقدات الحفاظ على صحة المولود وبقائه، والاحتفاء بمقدمه مثل أهمية التكبير في أذن الطفل اليمنى حال ولادته، وإقامة الصلاة في اليسرى وذلك لينشأ مسلما واعتقادهن في ذات الوقت ان الآذان والإقامة تحميه من الحسد والجن، كذلك وضع المصحف
|
| |
|